قصة غابرييل حبيب السكاكيني صاحب قصرالسكاكيني
في عام 1856 جاء إلى مصر مع اسرته شاب سوري يدعى "غابرييل حبيب السكاكيني" الذي ولد في دمشق عام 1841 وتولى وظيفة بشركة قناة السويس ببورسعيد حيث لفت الشاب نظر الخديوي إسماعيل حاكم مصر آنذاك بعدما استطاع حل أزمة انتشار الفئران وما تنقله من أوبئة في منطقة السويس وذلك عن طريق إرسال طرود قطط جائعة مُحملة على الجِمال فقضت على مشكلة انتشار الفئران في منطقة قناة السويس. بعدها اعتمد الخديوي إسماعيل على الشاب وأسند بناء الأوبرا الخديوية له ونجح بالفعل في الانتهاء من بناء الأوبرا في الوقت المحدد في 17 نوفمبر 1869 وأنعم عليه الخديوي لقب "بيك"
وبعدها أصبح حبيب السكاكيني من كبار المقاولين في مصر واسند اليه اعمال البناء وعقود الأشغال العامة التي لا يمكن ان تفشل لأنها كانت تدار بواسطة وعلى طريقة السكاكيني. وفي مارس 1901 منحه البابا في روما لقب "الكونت" لخدماته المجتمعية العظيمة
كافأ الخديوي اسماعيل حبيب السكاكيني بالأموال وكان يرسل إليه عربته الخاصة بياوره الخاص ليحضر ولائمه وحفلاته و أنعم عليه بلقب "باشا" . ذاع صيت السكاكيني حتى وصل الى الأستانة فقام السلطان "عبد الحميد" بدعوته للاصطياف مع أسرته مقيماً في معيته في قصر الدولما علي ضفاف "البوسفور"
كان حبيب السكاكيني مهتم بإخوانه الأقباط جدا وقام بناء ملجأ لآلاف الأيتام وشرائه قصر «لينو دي بيفور» الموجود بشارع الفجالة بعد أن أهداه لجمعية الروم الكاثوليك كما شيد لهم مقبرة للروم الكاثوليك في مصر القديمة
ومع تولي «السكاكيني» لرئاسة «ورش تجفيف البرك» بدأ في الردم مستغلًا كذلك فرمان الباب العالي اللي هو الوالي العثماني بإيجازة منح البرك والمستنقعات المملوكة للدولة إلى من يتعهد بردمها. وبموجب فرمان الباب العالي ردم «السكاكيني» بركة الشيخ قمر وحمل الشارع الواصل
بين ميدان الظاهر بيبرس إلي الشارع المؤدي إلي الشارع الذي سمي بإسمه فيما بعد والذي يتوسطه ميدان السكاكيني .. بعد نجاحه في اعمال الردم قرر الخديوي اسماعيل المشهور بالسخاء ان يكافيء حبيب و أعطاه الأرض الموجود عليها قصر السكاكيني هدية
طبعا بما ان حبيب السكاكيني من اكبر مقاولين مصر فالطبيعي ان القصر الخاص بيه هيكون تحفة معمارية وعلشان كده حبيب بني القصر على الطراز الإيطالي واللي قامت بالبناء شركة إيطالية على أن يكون نسخة من القصر الذي شاهده في ايطاليا
حبيب اختار لقصره موقعا جذابا يشع منه ٨ طرق رئيسية وبالتالي أصبح القصر نقطة مركزية في المنطقة ولم يكن الحصول على مثل هذا الموقع سهلا في ذلك الوقت لكن علاقة السكاكيني باشا مع الخديوي طبعا سهلت هذه المهمة
بني القصر على مساحة ٢٦٩٨ متر مربع يضم أكثر من ٥٠ غرفة ويصل ارتفاعه لخمسة طوابق يحتوى القصر على أكثر من ٤٠٠ نافذة وباب و ٣٠٠ تمثال ومنهم تمثال نصفي لحبيب باشا السكاكيني بأعلى المدخل الرئيسي للقصر وعلى الرغم من عدم اتساع الحديقة إلا أنها ساعدت على عزل القصر من المباني الحديثة حوله
القصر من الداخل ممتع جدااا ومخيف ايضا وكلما ارتفعت لأعلى كلما ضاق عليك المساحات و لكن التصاميم والرسومات الموجودة داخل القصر شيء اقرب الى الخيال
يوجد 6 بوابات لمداخل القصر تقع كل منها أمام أحد الشوارع فهناك اثنان أمام شارع السكاكيني وامتداده ومثلها أمام شارع ابن خلدون وامتداده ومثلها أمام شارع الشيخ قمر وامتداده
في عام ١٩٢٣ توفي حبيب باشا السكاكيني و قسمت ثروته بين الورثة الذين قاموا بإعطاء القصر للحكومة حيث قام أحد أحفاده وكان طبيبًا بالتبرع بحصته إلى وزارة الصحة والتي لم تكن الجهة المؤهلة لوراثة مثل هذا القصر
وفي عام ١٩٦١ تم نقل متحف التثقيف الصحي من عابدين إلى قصر السكاكيني وذلك بأمر من محافظ القاهرة أما في عام ١٩٨٣ صدر قرار وزاري من وزارة الصحة بنقل متحف التثقيف الصحي إلى المعهد الفني بإمبابة وتم نقل بعض المعروضات إلى إمبابة والبقية تم تخزينها وقتئذ في بدروم أسفل القصر وتم تسجيل هذا القصر في عداد الآثار الإسلامية والقبطية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ١٦٩١ لسنة ١٩٨٧ ليتم وضعه تحت رعاية المجلس الأعلى للآثار
تعرض القصر لعمليات سرقة حيث سُرق تمثال "ملاك" وتمثال "درة التاج" الذي كان يمثل فتاه ترتدي تاج ويعد من أقرب وأحب التماثيل للسكاكينى وتمثال "مرمر" الذي كان يتميز بتغير لونه عند تعرضه للشمس و غير ما تم تحطيمه مثل تماثيل الأسود أمام حديقة القصر وجميعهم اختفوا وتحطموا في ظروف غامضة